منتدى الأستاذ : أيمن عرفان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الأستاذ : أيمن عرفان

خطب ودروس مكتوبة في مختلف العلوم الإسلامية للأستاذ : أيمن عرفان.
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 بين العلم والأدب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 31
تاريخ التسجيل : 16/10/2016

بين العلم والأدب Empty
مُساهمةموضوع: بين العلم والأدب   بين العلم والأدب Emptyالجمعة أكتوبر 21, 2016 11:03 am

بين العلم والأدب:-
لو عدنا بذاكرة التاريخ قليلا ، نرى أن الله عز وجل قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم في زمن أحوج ما يكون الناس فيه إليه، فقد كانت الأرض كلها غارقة في ظلمات الجاهلية ، وانحط الإنسان بفكره ومعتقده أسوأ انحطاط فسجد للحجر وعظم النار وفي أحسن حالاته فهو صاحب كتاب سماوي بدل فيه وعدل حسب أهوائه ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام ، كان سبيله هو سبيل النجاة الأوحد لأهل الأرض جميعا ، ومركز النور الذي تمحى به سحائب الظلمة ، فالتف حوله الصحابة لينهلوا من عذب منهله ، فعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر دينهم ، وأدبهم بأدب رباني ، ورباهم بمنهج سماوي ، فسرت في جسد المجتمع الإسلامي روح الشريعة الغراء ، والسنة المطهرة .
ثم انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وترك لمن بعده الطريق الواضح القويم متمثلا في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فتلقفها الصحابة رضوان الله عليهم وساروا على نهج قائدهم فما حادوا عنه قيد أنملة شريعة وأدبا وخلقا وسلوكا إلى الله عز وجل .
ثم توسعت الفتوحات الإسلامية ، واستنارت بلاد كثيرة بنور الإسلام ، واختلط العرب بغيرهم من المجتمعات ذات التقاليد والأعراف والعادات الغريبة عن المجتمع العربي الإسلامي ، فتفرع الأصل وتشعب ، وانقسمت الأمة إلى أحزاب وطوائف عرقية أو حزبية أو سياسية أو فكرية أو مذهبية، منها ما يستقي منهجه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنها ما ابتدع وأحدث وغير.
ووسط هذا الخضم الهائل من الفرق والجماعات ، ظهرت طائفتان كل منهما تستقي منهجها من كتاب الله وسنة رسوله : الطائفة الأولى: اهتمت بالعلم ولكنها جعلت الأدب مقدم عليه، وأخذوا أنفسهم بالزهد والتقشف، واعتزلوا الناس، وآثروا الخلوة والاعتكاف، وجعلوا لهم قدوة متمثلة في الشيوخ يرسمون لهم طريق الوصول إلى الله عز وجل من خلال الرياضات والمجاهدات والأذكار وغيرها، ولم تلبث هذه الطائفة أن وضعت لها قواعد للسلوك، وأسسا لقبول المريدين، وظهرت مسميات جديدة كالأحوال والمقامات وغيرها، وأصبح لكل شيخ منهم فكر خاص وأسلوب متميز عن أسلوب غيره، ولما كان مظهرهم التقشف والزهد ولبس الصوف سُمُّوا بالصوفية.
الطائفة الثانية: اهتموا بالأدب ولكنهم فضلوا العلم عليه والتزموا بدراسة العلوم الشرعية تفسيرًا للقرآن ودراسة لحديث رسول الله، وفقها في أحكام العبادات وغيرها، فتكونت مدارس لتدريس العلوم الشرعية متمثلة في شيوخ هذه الطائفة.
في بداية الأمر لم يكن الفارق ملحوظا بين رجال الطائفتين فأهل العلوم الشرعية أصحاب نفوس حرصوا على تزكيتها ، واتصفوا بالورع والتقوى ولهم من الأعمال القلبية ما يشهد لهم بتصوفهم ، وأهل الزهد والأدب كانوا علماء ، حتى أنك أحيانا لا تستطيع أن تميز هل هذا العالم من أهل العلوم الشرعية أم من أهل التصوف وأمثلة ذلك كثيرة مثل سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وغيرهم، ولم يكن بينهم مثل هذا العداء الظاهر الآن، بل كان بعضهم يتتلمذ على يد بعض حتى أنك تجد أن شيخ السلفية ابن تيمية تتلمذ على يد الشيخ عبد القادر الجيلاني إمام الصوفية، ولكن كلما مضى الزمن وبعد الناس عن عصر النبوة خير القرون وعصر الصحابة وعصر التابعين، كلما ازدادت هذه الهوة وابتعد التابعين عن مسلك أسلافهم. فأما الصوفية فقد كثر الشيوخ وأصبح لكل منهم منهجا خاصا ، ثم تفرعت هذه المناهج إلى طرق، ثم تفرعت هذه الطرق إلى طرق فرعية ، وأصبح من الشيوخ من يجعل القرآن والسنة أساسًا لطريقته -وهم قلة- ومنهم من التفت إلى الدنيا وزخرفها فادعى لنفسه من الأحوال ما ليس فيه، وأدخل على التصوف ما ليس منه حتى يظن الناس أنه صاحب حقيقة لم يصل إليها غيره، ومنهم من ابتدع معان لآيات القرآن لا يحتملها اللفظ وتأباها اللغة مدعيا أن ذلك تفسير باطني، ومنهم من أدخل في الدين بعض الآراء والأقوال للفلاسفة الإغريق والرومان، ومنهم من قال بالحلول والاتحاد تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، ومنهم من أسقط التكاليف عن نفسه وامتنع عن الصلاة مدعيا أنه قد وصل إلى نهاية الطريق .
وعلى الجانب الآخر دخل في طلاب العلم الشرعي من فسدت نيته، أو ساء معتقده، أو خف عقله، فظهرت فرق ما أنزل الله بها من سلطان وظهر المتكلمين والمرجئة والقدرية والمعتزلة وغيرهم، وظهر من يتاجر بالعلم، وظهر من يطلب العلم ليُمَارِي بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يُبَاهِي بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ يَسْتَجِيرُ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، وحتى من بقي على المنهج السليم خرج منهم من فقد أهم عنصر من عناصر سمات العلماء ألا وهو الأدب، فقد كان منهج النبي أن يربي أصحابه ويعلمهم في نفس الوقت، ثم أصبح العلم يؤخذ دون تربية ففقد ثمرته، وخرج أقوام لا يأخذون من الدين إلا قشوره الظاهرية فظنوا أن هذا هو الدين ولا دين غيره، وحفظوا نصوصا فصاروا آلات للعبادة دون روح فقست قلوبهم، وظهر منهم من يوزع ألقاب الكفر والشرك والزندقة على أهل القبلة دون زاجر من ورع أو تقوى، ولم يبق على الجادة إلا القليل.
واتسعت الهوة بين الفريقين ، وأصبح الواقع أليما، آلاف من الشباب التائه الحائر، الذي يريد الهداية والوصول إلى طريق ربه ولا يعرف كيف، ليس أمامه إلا أن ينتمي إلى إحدى الطائفتين فيأخذ منها الغث والثمين، ويتعصب لمنهجه ويظن أنه فقط الصواب وما سواه خطأ، أو أن يعرض الشاب عن هذه الطرق جميعا ويحاول السلوك إلى الله منفردًا فلا يأمن على نفسه الفتور والزلل، أو أن يصدم بالواقع فيقرر أن يترك الدين كلية وراء ظهره وأن يقبل على الدنيا وملذاتها وشهواتها غير مبال بالحلال والحرام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3erfan.rigala.net
 
بين العلم والأدب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأستاذ : أيمن عرفان :: الطريق إلى الله-
انتقل الى: