منهجنا التربوي:-
القرآن كلام الله، وهو منهج المسلمين. كان من الممكن أن يُنَزِّل ربنا القرآن للبشرية كتاباً كاملا بواسطة ملك، ويقول لهم هذا هو المنهج فاتبعوه. ولكن ذلك لم يحدث. بل أنزله ربنا تبارك وتعالى مُنَجَّمًا على رسوله صلى الله عليه وسلم، وبين لنا مهمة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:" هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ"(الجمعة 2). فبين لنا ربنا أن النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاثة مهام أساسية: الأولى أنه يتلو علينا القرآن، والثانية أنه يعلمنا الكتاب والحكمة، أما المهمة الثالثة فهي مهمة التزكية، هذه المهمة التي تبين لنا أن الإسلام ليس دين علم فقط بل ودين تربية أيضاً، فالنفس البشرية بها الكثير من العيوب والآفات والأمراض، كالشح مثلاً، حب الرياسة، الحقد، الحسد، الرياء، العجب، وغيرها كثير. وعلى الإنسان أن يستمر في محاولات دائبة للتخلص من هذه الآفات، ففلاحه مرتبط بنجاحه في هذه المهمة إذ يقول ربنا عز وجل:" وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا"(الشمس7–10). والنبي صلى الله عليه وسلم هو المربي الأول لهذه الأمة، فكان يعلمهم ويربيهم في نفس الوقت إذ أن العلم بلا تربية هو أدعى لأمراض النفوس لأن النفس سوف تجد فيما تحمله من علم سبباً للعجب والتكبر على من هم أقل في العلم، والحقد والحسد والعداء لمن هم أعلى منه، فكان لابد من ملازمة العلم للتربية.
فمنهجنا التربوي له محاور ثلاثة: العلم، والعمل، والتزكية. والتزكية لها جانبان: الجانب الأول هو المسلم نفسه، فالمسلم ينبغي أن يكون رقيباً على حال نفسه، يراقب أفعالها ويستيقظ لمدارجها ويحاول إصلاح عيوبها. والجانب الثاني هو الصحبة الصالحة، فالصحبة تساعد المسلم على التعرف على عيوب نفسه فالمؤمن مرآة أخيه، كما أنها تساعده على تزكية نفسه ففي الصحبة يجد الأنيس الذي يحتاجه في بداية طريقه إلى الله حتى لا يشعر بوحشة العلم وصعوبة المخالفة لهوى النفس، وسيجد في الصحبة تقوية الهمة، فإذا ما أرادت النفس الكسل أو الانتكاس فسيجد من يأخذ بيده على طريق الخير، وفي الصحبة تكون المحبة في الله والنصح في الله والتزاور في الله والتعاون على البر والتقوى.